ﺍﻟﻠﺺ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ

ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ

ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ

ﺍﻟﻠﺺ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ

ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻻﺣﻴﺎﺋﻲ

ﺧﻄﺎﺏ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ

ﺧﻄﺎﺏ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﺍﺕ

ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻱ

ﻓﻦ ﺍﻟﻤﺴﺮﺡ

ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ

ﺍﻟﻠﺺ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ 
ﻣﻠﺨﺺ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ
ﺗﺼﻮﺭ ﺭﻭﺍﻳﺔ" ﺍﻟﻠﺺ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ" ﺳﻌﻴﺪ
ﻣﻬﺮﺍﻥ ﺑﻌﺪ ﺧﺮﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺍﻟﺬﻱ
ﻗﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﺪﺓ، ﺃﺭﺑﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ
ﻏﺪﺭﺍ، ﻛﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﺶ
ﺳﺪﺭﺓ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻧﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﺂﻣﺮﺍ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺩﺑﺮﺍ ﻟﻪ ﻣﻜﻴﺪﺓ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ
ﺍﻟﻌﺎﺑﺚ ﻭﺗﻬﺪﻳﺪﺍﺗﻪ ﺍﻟﻄﺎﺋﺸﺔ، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ
ﺑﻨﺘﻪ ﺳﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ ﺃﻣﻬﺎ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﻋﻠﻴﺶ
ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻣﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻏﻴّﺐ ﺳﻌﻴﺪ
ﻣﻬﺮﺍﻥ ﺑﻴﻦ ﻗﻀﺒﺎﻥ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﻳﻨﺪﺏ
ﺣﻈﻪ ﺍﻟﺘﻌﻴﺲ ﻭﺃﻳﺎﻣﻪ ﺍﻟﻨﻜﺪﺍﺀ ﺑﺴﺒﺐ
ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺰﺍﺋﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻘﻨﻬﺎ ﺇﻳﺎﻫﺎ
ﻣﻌﻠﻤﻪ ﺭﺅﻭﻑ ﻋﻠﻮﺍﻥ:
" ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﻧﺴﻤﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺠﻮ ﻏﺒﺎﺭ ﺧﺎﻧﻖ ﻭﺣﺮ ﻻﻳﻄﺎﻕ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ ﻭﺟﺪ ﺑﺪﻟﺘﻪ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ
ﻭﺣﺬﺍﺀﻩ ﺍﻟﻤﻄﺎﻁ، ﻭﺳﻮﺍﻫﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ
ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ ﺃﺣﺪﺍ. ﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻌﻮﺩ،
ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺍﻷﺻﻢ ﻳﺒﺘﻌﺪ
ﻣﻨﻄﻮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻴﺎﺋﺴﺔ. ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺜﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ، ﻭﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻧﺔ، ﻭﺍﻟﻌﺎﺑﺮﻭﻥ
ﻭﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻮﻥ، ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻭﺍﻟﺪﻛﺎﻛﻴﻦ،
ﻭﻻﺷﻔﺔ ﺗﻔﺘﺮ ﻋﻦ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ... ﻭﻫﻮ
ﻭﺍﺣﺪ، ﺧﺴﺮ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﺣﺘﻰ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ
ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﺧﺴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻏﺪﺭﺍ، ﻭﺳﻴﻘﻒ
ﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺘﺤﺪﻳﺎ. ﺁﻥ
ﻟﻠﻐﻀﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺠﺮ ﻭﺃﻥ ﻳﺤﺮﻕ،
ﻭﻟﻠﺨﻮﻧﺔ ﺃﻥ ﻳﻴﺄﺳﻮﺍ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ،
ﻭﻟﻠﺨﻴﺎﻧﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻔﺮ ﻋﻦ ﺳﺤﻨﺘﻬﺎ
ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺔ. ﻧﺒﻮﻳﺔ ﻭﻋﻠﻴﺶ، ﻛﻴﻒ ﺍﻧﻘﻠﺐ
ﺍﻻﺳﻤﺎﻥ ﺍﺳﻤﺎ ﻭﺍﺟﺪﺍ؟ ﺃﻧﺘﻤﺎ ﺗﻌﻤﻼﻥ
ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻟﻒ ﺣﺴﺎﺏ"
ﻳﺸﻜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻝ
ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ ﺍﻟﺤﺪﺛﻲ ﺑﺆﺭﺓ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ
ﻭﺗﻤﻔﺼﻠﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻠﺨﺺ ﻛﻞ
ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﺖ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﻊ
ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺰ ﺣﺒﻜﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ
ﻭﻋﻘﺪﺗﻬﺎ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ
ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﻧﺔ ﻭﺍﻟﺜﺄﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻏﺪﺭﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﻫﻢ: ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﺶ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ
ﻧﺒﻮﻳﺔ ﻭﺭﺅﻭﻑ ﻋﻠﻮﺍﻥ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﻳﻠﺘﺠﺊ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﻤﻄﻴﻂ
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻝ ﻭﺗﻮﺳﻴﻌﻪ ﻭﺗﺒﺌﻴﺮﻩ ﺳﺮﺩﺍ
ﻭﺗﺤﺒﻴﻜﺎ ﻭﺗﺸﻮﻳﻘﺎ ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻦ
ﺍﻟﺤﻜﺎﺋﻲ، ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺗﻨﺘﻬﻲ
ﺑﺎﺳﺘﺴﻼﻡ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ ﻭﻣﻮﺗﻪ ﻭﻓﺸﻠﻪ
ﻓﻲ ﺇﻧﺠﺎﺯ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺒﺮﺍﻣﺞ
ﺍﻟﺴﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﻴﻂ ﺑﺘﺮﺟﻤﺘﻬﺎ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ.
ﻭﻣﻦ ﺛﻢ، ﺗﺼﺒﺢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ
ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺠﺰﺓ ﺑﺴﺒﺐ
ﻓﺸﻠﻬﺎ ﺍﻟﺬﺭﻳﻊ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻋﺪﺍﺋﻪ
ﺍﻟﺨﻮﻧﺔ؛ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﺷﺮﻙ
ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﻈﻨﻮﻥ ﻭﺍﻟﺘﻮﻫﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺑﺜﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻣﻨﻈﻮﺭﻫﺎ ﺑﺪﻭﻥ
ﺟﺪﻭﻯ ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ ﻳﻨﺒﻨﻲ
ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻜﺔ ﺣﺪﺛﻴﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺘﻦ
ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻮﺳﻄﻲ ﻫﻮ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻡ
ﻭﺍﻟﺜﺄﺭ. ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﺠﺎﻧﻴﺎ
ﻭﻋﺸﻮﺍﺋﻴﺎ ﻻﻳﺼﻴﺐ ﺇﻻ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻣﻦ
ﺍﻟﺒﻮﺍﺑﻴﻦ ﻭﺿﺤﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻐﻠﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﻌﻴﻦ.
ﺃﻣﺎ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ، ﻓﻘﺪ ﺭﻛﺰﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ
ﺍﻟﻤﻄﺎﺭﺩﺓ ﻭﺳﺤﻖ ﺍﻟﻤﺠﺮﻡ ﺗﺤﺖ
ﺿﺮﺑﺎﺕ ﻭﻃﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﺖ
ﻣﻜﺎﻥ ﺍﺧﺘﺒﺎﺀ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺒﺮﺓ
ﻣﺼﻴﺮﻳﺔ ﻟﻪ.
ﻭﺑﻬﺬﺍ، ﺗﺘﺨﺬ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻃﺎﺑﻌﺎ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺎ
ﺣﺮﻛﻴﺎ Action ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ
ﻛﺘﺐ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﻘﺎﺑﻞ
ﻟﻠﺘﺸﺨﻴﺺ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻭﺍﻹﺧﺮﺍﺝ
ﺍﻟﻔﻴﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ. ﻭﻓﻌﻼ، ﻓﻘﺪ ﺗﻢ
ﺇﺧﺮﺍﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ
ﻣﻀﺖ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ؛ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺘﻮﻓﺮ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ
ﻋﻠﻰ ﻟﻘﻄﺎﺕ ﺑﺼﺮﻳﺔ ﻭﺣﺮﻛﻴﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ
ﺟﺬﺏ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﺝ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻱ، ﻓﺒﻌﺪ ﺧﺮﻭﺝ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ
ﻣﻦ ﺯﻧﺰﺍﻧﺘﻪ ﺍﻟﻌﺪﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻐﻠﻘﺔ، ﻟﻢ ﻳﺠﺪ
ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻭﺃﻗﺮﺑﺎﺋﻪ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻓﻲ
ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ
ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻜﺮﻭﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻣﻨﺒﻮﺫﺍ
ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻨﻔﺮﺓ. ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻣﺎﻛﺎﻥ
ﻳﺴﺮﻗﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﻭﭬﻴﻼﺗﻬﻢ
ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻌﻼ ﺑﻄﻮﻟﻴﺎ ﻋﻨﺪ ﺭﺅﻑ
ﻋﻠﻮﺍﻥ، ﺇﻧﻪ ﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ. ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺘﺠﺊ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ
ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ
ﺃﺳﺮﺗﻪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ، ﺃﺑﻴﻪ ﺍﻟﺒﻮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺕ
ﻣﺮﻳﺪﺍ ﺳﺎﻟﻜﺎ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺣﺎﻣﺪﺍ ﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻷﻡ
ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺚ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻨﻜﺪ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺗﺖ
ﻃﺮﻳﺤﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﻤﻨﻬﻮﻙ
ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻔﺎﻗﺔ ﻭ ﻓﻮﻕ ﺳﺮﻳﺮ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻴﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﺪﻭﻥ
ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺻﺤﻴﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.
ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ
ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻭﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ﺑﻮﺍﺑﺎ، ﻟﻴﺴﺘﻜﻤﻞ
ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺴﺮﻗﺔ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺕ
ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ. ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺳﺘﺎﺫﻩ ﺭﺅﻭﻑ ﻋﻠﻮﺍﻥ
ﻳﺸﺠﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ؛ ﻷﻥ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺼﺎﺭﻉ ﺟﺪﻟﻴﺎ ﻣﻊ ﺍﻷﺳﻴﺎﺩ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﻮﻟﻮﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﻴﺪ
ﻭﻣﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ. ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺩ ﺭﺅﻭﻑ ﻋﻠﻮﺍﻥ
ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻓﻌﻼ
ﺑﻄﻮﻟﻴﺎ ﻭ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍ ﺛﻮﺭﻳﺎ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻗﺮﺭ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ ﺑﻌﺪ ﺧﺮﻭﺟﻪ
ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻲ ﺍﻟﻤﻨﻐﻠﻖ ﺃﻥ
ﻳﻨﺘﻘﻢ ﺃﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﺶ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ
ﻧﺒﻮﻳﺔ، ﻭﺍﺗﺠﻪ ﺣﻴﺎﻝ ﻣﻨﺰﻟﻬﻤﺎ ﺑﻤﻴﺪﺍﻥ
ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪﻩ ﻣﺤﻔﻮﻓﺎ ﺑﺎﻟﻤﺨﺒﺮﻳﻦ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺮﺳﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻮﺀ،
ﻭﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺘﻔﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺏ
ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻟﺴﻌﻴﺪ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﺛﺄﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﻣﺼﺮ.
ﻭﻟﻤﺎ ﻓﺸﻠﺖ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻊ
ﻋﻠﻴﺶ ﺣﻮﻝ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻭﺍﻟﺰﻭﺟﺔ
ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﺃﻧﻜﺮﺗﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺍﺳﺘﻨﻜﺮﺗﺎ
ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺌﺔ ﻭﺳﺮﻗﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻮﺻﻮﻓﺔ
ﻭﺗﻬﺪﻳﺪﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺎﻛﺮﺓ، ﻗﺮﺭ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ
ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﻤﻬﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻫﺐ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻡ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﺶ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺼﺤﻪ
ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺑﻴﺎﺿﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﺒﺮ ﺑﺎﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﺗﺤﻤﺪ ﻋﻮﺍﻗﺒﻬﺎ .
ﻭﻏﻴﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺟﻬﺘﻪ، ﻓﻘﺼﺪ ﺭﺅﻭﻑ
ﻋﻠﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﺻﺎﺣﺐ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺛﻮﺭﻳﺔ
ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺗﺴﻤﻰ ﺑـــ"
ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ" ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ
ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺻﺎﺭ ﺑﻔﻀﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﺍﻟﺒﻠﺪ
ﻭﺭﺟﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻭﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ
ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻣﻴﻦ.
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺳﺘﻀﺎﻑ ﺭﺅﻭﻑ ﻋﻠﻮﺍﻥ ﺳﻌﻴﺪ
ﻣﻬﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺍﻟﻔﺎﺧﺮ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ
ﭬﻴﻼ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺍﻷﺭﺟﺎﺀ ، ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺍﻷﺛﺎﺙ
ﻭﺍﻟﺘﺤﻒ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ، ﻧﺎﺩﻣﻪ ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻟﻴﺴﺘﻜﻤﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ
ﺑﺸﺮﻑ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ. ﻭﻃﻠﺐ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻦ
ﺭﺅﻭﻑ ﺃﻥ ﻳﺸﻐﻠﻪ ﻣﺤﺮﺭﺍ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪﺗﻪ،
ﻟﻜﻦ ﺭﺅﻭﻑ ﺭﻓﺾ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺑﺄﻥ
ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﻐﻞ ﺁﺧﺮ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ
ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ
ﻃﺮﻗﺎﺗﻬﺎ ﻭﺷﻮﺍﺭﻋﻬﺎ، ﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺧﻄﺔ
ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﺃﻭﻻ ﻣﻦ ﺭﺅﻭﻑ
ﻋﻠﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺎﻥ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﻗﻴﻢ
ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺻﺎﺭ
ﺧﺎﺩﻋﺎ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻭﻣﺎﻛﺮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻳﺰﻳﻒ
ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﺩﺧﻞ ﺳﻌﻴﺪ
ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻣﻜﺚ ﻓﻴﻪ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﺪﺓ، ﺃﺭﺑﻊ
ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻐﺪﺭ ﻭﺍﻟﻜﻴﺪ ﺍﻟﺨﺎﺩﻉ.
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺸﻠﺖ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ
ﻓﻲ ﺳﺮﻗﺔ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﻣﺴﻜﻦ ﺭﺅﻭﻑ
ﻋﻠﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮﻩ ﺑﻤﺴﺪﺳﻪ
ﺍﻟﻌﺎﺗﻲ؛ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺳﻌﻴﺪ ﺳﻴﺄﺗﻲ
ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻨﻪ ﻭﺳﺮﻗﺔ ﻣﺎﻳﻤﻠﻜﻪ ﻣﻦ
ﺃﻣﻮﺍﻝ ﻭﺃﺷﻴﺎﺀ ﺛﻤﻴﻨﺔ، ﻓﺎﺳﺘﺮﺩ ﻣﻨﻪ
ﺭﺅﻭﻑ ﺟﻨﻴﻬﺎﺗﻪ ، ﻭﺣﺬﺭﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺓ
ﻭﺇﻻ ﺳﻴﺰﺝ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻪ ﺭﺅﻭﻑ ﻋﻠﻮﺍﻥ،ﺍﺗﺠﻪ
ﺳﻌﻴﺪ ﺻﻮﺏ ﺭﺑﺎﻁ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻱ
ﻟﻼﺳﺘﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ . ﻭﻛﺎﻥ
ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻱ ﻧﻘﻴﺐ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ
ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻭﻓﻴﺎ ﻷﺑﻴﻪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ،
ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻀﻰ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺬﺏ
ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﺍﺝ
ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ﻣﻘﺘﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴﺔ ﺍﻟﻠﺪﻧﻴﺔ.
ﻭﺑﻮﺻﻮﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﺇﻟﻰ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻱ
ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺡ، ﺃﺣﺲ ﺑﺮﺍﺣﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﺗﻐﻤﺮﻩ
ﺩﺍﺧﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻧﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ،
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺲ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻇﻤﺈ
ﻭﺟﻮﻉ ﻳﻨﺨﺮﺍﻥ ﺟﺴﻤﻪ ﺍﻟﻤﺘﻬﺎﻟﻚ،
ﻭﻣﺎﻛﺎﻥ ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻭﺍﻟﺤﻨﻖ
ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻴﺶ ﻭﻧﺒﻮﻳﺔ ﻭﺭﺅﻭﻑ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﺴﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﺣﻤﻴﻤﻴﺔ
ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻃﺮﺯﺍﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻘﻬﻰ ﻛﺎﻥ
ﻳﺘﻌﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺰﺝ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ،
ﻭﻋﺮﻓﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺂﺧﺮ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ، ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ
ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻋﺪﻩ ﺑﻤﺴﺪﺱ ﻟﻴﻨﺘﻘﻢ ﻣﻦ
ﺍﻷﻭﻏﺎﺩ ﻭﺍﻟﺨﻮﻧﺔ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺭﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻬﺶ ﺍﻟﻠﺤﻮﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻨﻴﺌﺔ.
ﻭﻳﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﺳﻴﻌﺮﻑ ﺳﻌﻴﺪ ﻋﺸﻴﻘﺘﻪ ﻧﻮﺭ
ﺣﺴﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻼﻫﻲ ﻭﺍﻷﻣﺎﻛﻦ
ﺍﻟﺨﺎﻟﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ
ﻣﻌﺠﺒﺔ ﺑﻔﺘﻮﺓ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺷﺠﺎﻋﺘﻪ
ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﻴﺔ، ﻟﻜﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻐﺮﻣﺎ
ﺑﺨﺎﺋﻨﺘﻪ ﻧﺒﻮﻳﺔ.
ﻭﻳﻘﻀﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﻧﻮﺭ ﻓﻲ
ﺷﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻬﺘﺮﺋﺔ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺑﻴﻦ
ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﻟﻴﺎﺋﺲ ﻭﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺠﺴﺪ
ﺍﻟﻌﺎﻃﺶ. ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻘﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻌﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺳﻌﻴﺪ ﻟﻴﺼﻮﺏ
ﺭﺻﺎﺻﺎﺗﻪ ﺍﻟﻄﺎﺋﺸﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻮﺍﻥ
ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻧﺒﻮﻳﺔ ﻭﺭﺅﻭﻑ ﻋﻠﻮﺍﻥ، ﺑﻴﺪ ﺃﻥ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺻﺎﺻﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻄﺌﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ
ﻟﺘﺼﻴﺐ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﺒﻮﺍﺑﻴﻦ ﻭﺿﺤﺎﻳﺎ
ﺍﻟﻐﺒﻦ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ. ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎﺟﻌﻠﺖ
ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ
ﺍﻟﻌﺎﺑﺜﺔ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺤﻆ ﻛﺎﻥ
ﻳﻨﺠﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﻛﺮﻭﻥ ﻭﺍﻟﺨﻮﻧﺔ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ، ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻛﻞ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺜﺄﺭ
ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ، ﻓﻐﺪﺍ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻬﺮﺍﻥ ﺇﻟﻰ
ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻱ ﻟﻴﺴﺘﻠﻘﻲ
ﺑﺠﺴﺪﻩ ﺍﻟﻤﺘﻌﺐ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻀﻨﻰ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺐ ﺍﻟﻌﺎﺑﺜﻴﻦ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ، ﺳﻴﻬﺮﺏ
ﺳﻌﻴﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺣﺲ
ﺑﻤﻄﺎﺭﺩﺓ ﺍﻟﻤﺨﺒﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ ﻟﻪ ﻓﻲ
ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﻧﺎﺣﻴﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺣﻼ ﺳﻮﻯ
ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﻟﻸﻭﻏﺎﺩ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺃﺭﺩﻭﻩ ﻃﺮﻳﺤﺎ ﺑﻴﻦ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ
ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﺔ ﻟﺘﻀﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﺤﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﺎﺑﺜﺔ:
" ﻭﻓﻲ ﺟﻨﻮﻥ ﺻﺮﺥ:
- ﻳﺎﻛﻼﺏ!
- ﻭﻭﺍﺻﻞ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ
ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ.
ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﻀﻮﺀ ﺍﻟﺼﺎﺭﺥ ﻳﻨﻄﻔﺊ ﺑﻐﺘﺔ
ﻓﻴﺴﻮﺩ ﺍﻟﻈﻼﻡ. ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﺮﺻﺎﺹ ﻳﺴﻜﺖ
ﻓﻴﺴﻮﺩ ﺍﻟﺼﻤﺖ. ﻭﻛﻒ ﻋﻦ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﺑﻼ ﺇﺭﺍﺩﺓ. ﻭﺗﻐﻠﻐﻞ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﺟﻤﻴﻌﺎ. ﻭﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ
ﺍﻟﻤﺬﻫﻠﺔ. ﻭﺗﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ.... ﻭﻟﻜﻦ
ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎﺗﻼﺷﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﻪ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ ﻭﺑﻼ ﺃﺩﻧﻰ ﺃﻣﻞ. ﻭﻇﻦ ﺃﻧﻬﻢ
ﺗﺮﺍﺟﻌﻮﺍ ﻭﺫﺍﺑﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ. ﻭﺃﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻗﺪ
ﺍﻧﺘﺼﺮ.ﻭﺗﻜﺎﺛﻒ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺮﻯ
ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻻ ﺃﺷﺒﺎﺡ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ. ﻻﺷﻲﺀ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ
ﻳﺮﻯ. ﻭﻏﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ ﺑﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ.
ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺿﻌﺎ ﻭﻻ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ
ﻭﻻ ﻏﺎﻳﺔ. ﻭﺟﺎﻫﺪ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺓ ﻟﻴﺴﻴﻄﺮ
ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ، ﻟﻴﺒﺬﻝ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺃﺧﻴﺮﺓ.
ﻟﻴﻈﻔﺮ ﻋﺒﺜﺎ ﺑﺬﻛﺮﻯ ﻣﺴﺘﻌﺼﻴﺔ. ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ
ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺑﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﻓﺎﺳﺘﺴﻠﻢ ﺑﻼ
ﻣﺒﺎﻻﺓ... ﺑﻼ ﻣﺒﺎﻻﺓ"...
ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﻨﻢ ﻋﻦ
ﺍﻟﻌﺒﺚ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﺘﺎﺭ ﻭﺍﻟﻼﻣﺒﺎﻻﺓ
ﻭﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﺑﺪﻭﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻋﻴﺔ ؛ ﻷﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻻﺗﺴﺘﺤﻖ ﺃﻥ ﺗﻌﺎﺵ ﺑﻴﻦ ﻫﺆﻻﺀ
ﺍﻟﻜﻼﺏ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ ﺍﻟﻐﺎﺩﺭﺓ